Bene Elohim (בְּנֵי־הָאֱלֹהִים) أصل الحكاية الجزء الثاني 2

معتقد بني إسرائيل بين التعددية والتوحيد 2:2

الفصل الثالث: نصوص عبرية مبكرة تشير إلى عبادة “إلوهيم” (الآلهة أبناء إيل)

 

1. سفر التكوين (בראשית) 6:2

النص العبري:

וַיִּרְאוּ בְנֵי־הָאֱלֹהִים אֶת־בְּנוֹת הָאָדָם כִּי טֹבֹת הֵנָּה וַיִּקְחוּ לָהֶם נָשִׁים מִכֹּל אֲשֶׁר בָּחָרוּ

الترجمة الحرفية:

“ورأى أبناء الآلهة (بني ها-إلوهيم) بنات الناس أنهنّ حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساءً من كل ما اختاروا.”

 يظهر هنا مصطلح بني ها-إلوهيم ككائنات سماوية ذات طبيعة إلهية تتفاعل مع البشر، مما يؤكد بقاء فكرة المجمع الإلهي في المعتقد العبري المبكر.

 

2. سفر أيوب (איוב) 1:6

النص العبري:

וַיְהִי הַיּוֹם וַיָּבֹאוּ בְּנֵי הָאֱלֹהִים לְהִתְיַצֵּב עַל־יְהוָה וַיָּבֹא גַּם־הַשָּׂטָן בְּתוֹכָם

الترجمة الحرفية:

“وكان ذات يوم أن جاء بنو الإله ليمثلوا أمام يهوه، وجاء الشيطان أيضًا بينهم.”

النص يعكس مشهدًا سماويًا لمجلس إلهي يديره يهوه بين “بني الإله”، مما يؤكد استمرار الاعتقاد بمجتمع إلهي متعدد الوظائف قبل أن يُعاد تفسيره لاحقًا بشكل توحيدي.

 

3. سفر المزامير (תהילים) 29:1

النص العبري:

הָבוּ לַיהוָה בְּנֵי אֵלִים הָבוּ לַיהוָה כָּבוֹד וָעֹז

الترجمة الحرفية:

“قدّموا للرب يا أبناء الآلهة، قدّموا للرب مجدًا وعزًا.”

استخدام عبارة בני אלים (بني إليم) أي “أبناء الآلهة” يؤكد أن النص يحتفظ بقايا من العبادة الكنعانية الأصلية التي تصوّر الإله الأعلى محاطًا بأبنائه الإلهيين.

 

 

4. سفر المزامير (תהילים) 82:1

النص العبري:

אֱלֹהִים נִצָּב בַּעֲדַת־אֵל בְּקֶרֶב אֱלֹהִים יִשְׁפֹּט

الترجمة الحرفية:

“إلوهيم قائم في مجمع إيل، وفي وسط الآلهة يقضي.”

من أوضح النصوص التي تُظهر تعدد الآلهة صراحة. فـ “مجمع إيل” (עדת-אל) هو المفهوم الأوغاريتي ذاته، حيث الإله الأعلى يقف بين آلهة صغرى يحاكمها، ما يبرز أصل التعددية الإلهية في الفكر العبراني المبكر.

وتؤكد هذه النصوص أن مصطلح “إلوهيم” كان في بدايته جمعًا وظيفيًا لآلهة أبناء إيل، ثم تطور تدريجيًا عبر التفسير اللاهوتي في فترات لاحقة إلى مفهوم الإله الواحد الأعلى (يهوه) بعد السبي البابلي وإعادة التدوين.

فيما يلي تحليل لغوي مفصّل لِجَذْرَي "אֵל / El" و**"אֱלֹהִים / Elohim"** في اللغات السامية القديمة (الأكادية — بالتمثيل —، الأوغاريتية، والعبرية)، مع أمثلة نصية ورصد نحوي/صرفي يربط الشكل اللغوي بالتطوّر الديني الذي نناقشه في الكتاب. الصياغة أكاديميّة ومختصرة بما يكفي لتضمينها كملحق تحليلي في الفصل الثالث أو الرابع.

 

الفصل الرابع: تحليل لغوي مفصّل: جذر אֵל (El) وאֱלֹהִים (Elohim)

1) الجذور العامة والامتدادات اللغوية

الجذر السامي المشترك: حرفياً ʾ-l / ’el (ألف-لام) يمثل دلالة إلوهية عامة في هذه اللغات:

الأكادية: ilu (إيلو) = “إله” (مصطلح عام للألوهة؛ مقابل ilūtu صفات وغيرها).

الأوغاريتية/الكنعانية: ʼil / il = اسم إله أعلى (إيل). نقوش أوغاريت تسجل اسم ʼil كالإله الأعلى.

العبرية: אֵל (El) = اسم إله/لقب إلهي، يظهر في كثير من الأسماء الشخصية والمنحوتات اللغوية (مثال: מִיכָאֵל, עֲזְרִיאֵל).

الخلاصة: جذركلّيّاً يحمل معنى “القوة/الربّ/الإله” عبر المجموعة السامية، وهو أساسٌ لتطورات معنوية لاحقة.

2) الشكل الجمعي אֱלֹהִים — Elohim: بنيوياً وماينحته الاستخدام

بنيًة الكلمة: اللاحقة ־ים / -im هي علامة الجمع المذكَّر في العبرية. لذا صيغياً אֱלֹהִים ظاهرٌ كجمعٍ من אֵל (gods).

 

الاستخدام التبايني في النصوص العبرية:

كاسم جمعي حرفي (gods): في مواضع كثيرة في العهد القديم تُستخدم אֱלֹהִים للدلالة على آلهة الشعوب (مثال عام: "אֱלֹהֵי הָעַמִּים" — آلهة الأمم).

كاسم إلوهيم / الآلهة / (Elohim = Gods): في سياقات كثيرة، خاصة بالنصوص التكوينية واللاهوتية الأساسية، تُستخدم אֱלֹהִים للدلالة على آلهة إسرائيل. عندها غالبًا الفعل أو الضمائر المصاحبة تُعامَل بالمفرد (علامة على جوهرهم الوحد نسبة للآب "آيل" الخالق): مثال بارز — التكوين בראשית 1:1:

النص العبري: בְּרֵאשִׁית בָּרָא אֱלֹהִים אֵת הַשָּׁמַיִם...

الملاحظة النحوية: الفعل בָּרָא (bara, “خَلَقَ”) في صورة الماضي المفرد المذكر، مع كلمة אֱלֹהִים التي في صيغة الجمع.

تفسيران لغويان مهمان شائعان في الأدبيات:

1- جمع جلال (plural of majesty / pluralis majestatis): تفسير مفاده أن الصيغة الجمع تعبر عن عظمة أو مقام عالٍ لا عن تعدد فعلي.

بقايا تعددية تاريخية: تفسير مفاده أن الكلمة جُمعت من تراث تعددي سابق (آلهة متعددة)، ثم ضُيِّق معناها لاحقًا إلى إله واحد؛ فتبقت الصيغة الصرفية القديمة (-im) بينما تغيّر الاستخدام الدلالي.

2- دعم النصوص الداخلية: أمثلة مثل תהלים 82:1 ("אֱלֹהִים נִצָּב בַּעֲדַת־אֵל") تُظهر بوضوح أن النصوص تحفظ إرث تصويري عن “مجلس آلهة/مجمع إيل”

النتيجة: الشكل الجمعي Elohim في العبرية هو مؤشرٌ حاسم على التعددية قبل التوحيد في الأسفار المبكرة — من تعددٍ وظيفي إلى الاتفاق على إله واحد.

 

3) "בְּנֵי הָאֱלֹהִים / bene ha-Elohim" — بنيوياً ودلاليًا

التركيب: בני = “بنو/أبناء” + האלים = “الآلهة / الإله (بصيغة الجمع)” وتعني الأبناء من سلالة الآلهة.

دلالات النصوص المبكرة: يظهر المصطلح في مواضع عدة (בראשית 6; איוב 1; תהלים 29, 82) بمرتكزات تدل على:

كيانات سماوية/إلهية (أحيانًا قوى سماوية أو “مجلس” إلهي).

موقع السلطة/الاختصاص: علاقة بين المجمع السماوي والشؤون الأرضية.

العلاقة بالتراث الأوغاريتي: في أوغاريت يوجد مفهوم bn il (بنو إيل) أو آلهة ينتمون إلى عائلة إيل — ما يجعل النص العبري امتدادًا أو امتزاجًا لهذا التقليد.

 

4) أمثلة نحوية ونصوصية مختارة (مُحلَّلة)

בראשית 1:1בְּרֵאשִׁית בָּרָא אֱלֹהִים في البدأ خلق إلوهيم

كلمة אֱלֹהִים صيغة جمع. الفعل בָּרָא مفرد.

يقرأ هذا التوافق النحوي (جمع جوهري + فعل مفرد) كقِبلة على مرحلة انتقالية لغوية ولاهوتية: الشكل اللغوي القديم بقي، والمعنى قد أصبح مفردًا متفردًا.

 

1. سفر التكوين 1:26

וַיֹּאמֶר אֱלֹהִים: נַעֲשֶׂה אָדָם בְּצַלְמֵנוּ כִּדְמוּתֵנוּ

“وقال إلوهيم: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا.”

الفعل נַעֲשֶׂה (نعَسِه) في صيغة الجمع (“نصنع”) لا يتناسب مع إله مفرد، وهو ما يعكس أن المتكلم كان مجمعًا إلهيًا، وليس إلهًا واحدًا.

وقد حاول الأحبار لاحقًا تفسير هذه الصيغة على أنها “مشاورة الله لملائكته”، وهو تفسير تبريري متأخر لا سند لغوي له.

 

2. سفر التكوين 3:22

וַיֹּאמֶר יְהוָה אֱלֹהִים, הֵן הָאָדָם הָיָה כְּאַחַד מִמֶּנּוּ

الترجمة الحرفية: “وقال يهوه إلوهيم: هوذا الإنسان قد صار كواحدٍ منا.”

العبارة מִמֶּנּוּ (مِنّا) تشير بوضوح إلى جماعة متكلمة، مما يدل أن “يهوه” كان جزءًا من منظومة إلهية أوسع تُعرف بـ “إلوهيم”، ولم يكن منفردًا في الأصل.

 

תהילים 82:1אֱלֹהִים נִצָּב בְּעֲדַת־אֵל

الترجمة الحرفية: “الآلهة / الإله قائم في مجلس إيل؛ في وسط الآلهة يقضي.”

يُظهر النص بجلاء نظرةً قديمة لمجلس آلهة، حيث אֱלֹהִים وאֵל مؤسستان تراثيتان تتقاطعان بين مرحلتي ‘عبادة جميع أبناء إيل‘ والتوحيد المتفرد “لعبادة ابنه يهوه".

 

3. سفر المزامير 82:1

אֱלֹהִים נִצָּב בַּעֲדַת אֵל, בְּקֶרֶב אֱלֹהִים יִשְׁפֹּט

الترجمة الحرفية: “إلوهيم يقف في مجمع الإله، وفي وسط الآلهة يحكم.”

النص صريح في تصوير مجلس آلهة يرأسه “إلوهيم” الأكبر، وهو نفسه “إيل”.

عبارة בְּקֶרֶב אֱלֹהִים (في وسط الآلهة) لا تحتمل التأويل التوحيدي، بل تشير إلى مجلس سماوي متعدد.

 

4. سفر التثنية 32:8–9 (النص الأصلي من مخطوطة قمران وليس النص الماسوري)

בְּהַנְחֵל עֶלְיוֹן גּוֹיִם, בְּהַפְרִידוֹ בְּנֵי אָדָם, יַצֵּב גְּבֻלֹת עַמִּים לְמִסְפַּר בְּנֵי אֵל

الترجمة الحرفية: “حين قسم العلي الأمم، وضع حدودها حسب عدد أبناء إيل.”

النص من أقدم النصوص التوراتية (الأصل الكنعاني)، ويُظهر أن العالم وُزع بين “أبناء إيل”، أي آلهة متعددة لكل أمة.

في النص الماسوري لاحقًا استبدلت العبارة بـ “بني إسرائيل” بدل “بني إيل” لتجنب الإشارة للتعدد الإلهي.

 

5. سفر الخروج 15:11

מִי־כָמֹכָה בָּאֵלִם יְהוָה

“من مثلك بين الآلهة يا يهوه؟”

العبارة בָּאֵלִם (بين الآلهة) تُظهر أن يهوه كان يُفهم كـ إله من بين آلهة أخرى، أي في مرحلة ما قبل التوحيد القومي.

 

איוב 1:6וַיָּבֹאוּ בְּנֵי הָאֱלֹהִים

وصف لمشهد سماوي؛ “بنو الإله” يأتون ليمثلوا أمام יְהוָה — هنا تلتقي مصطلحات متعددة (بני האלוהים وיהוה) ما يدل على تعددية لاهوتية في التفكير المبكر.

5) تفسيرات لِلمسار التحويلي: من الصيغة النحوية إلى المعنى اللاهوتي

مسار أكاديمي ملحوظ:

وجود تراث تعددي كنعاني/أوغاريتي (إيل كأب لمجمع الآلهة).

انتقال المصطلحات والمفاهيم إلى المشرق الإسرائيلي المبكر (المجالس الإلهية، أبناء الإله).

 

فترة المقالة الشفاهية: بقاء الصيغ القديمة أثناء استمرار الطقوس والقصص شفهياً.

أزمة السبي البابلي: دفع نحو تدوين وإعادة تأويل؛ نتيجة ذلك: تفسير صيغة الجمع إلوهيم إلى معني تفردي في الإيمان مع الإبقاء على النص التعددي وإعطاء اسم يهوه יְהוָה مقام الإله الواحد الكوني.

الآلية اللغوية: ثبات الشكل الصرفي (Elohim) مرتبط بحفظ تقليدي؛ التغيير في الاتفاق النحوي (الأفعال والضمائر) يعكس انتقال المعنى من آلهة إلى الإله للحفاظ على الإنتساب بالبنوة لمجمع أسرة إيل "الوهيم" ليتوافق مع الانتقال للتوحيد.

 

6) ملاحظة منهجية حول الأدلة النصية والحدود

نعرض هنا الأدلة: بأن التكرار النصي + الشواهد الأوغاريتية تدعم القراءة التاريخية القائلة بأن Elohim يحمل أثر تعددي تاريخي ثم توّج بمعنى توحيدي لاحقًا.

 

7) الخلاصة اللغوية واللاهوتية (ما يستخلص للفصل)

جذر אֵל / El هو مصطلح قديم، موجود في الأكادية والأوغاريتية والعبرية.

אֱלֹהִים / Elohim مصطلح جمعي يدلّ على «الآلهة» أو «أبناء إيل»؛ لكنّه في نطاق التأويل ونتيجة التدوين وإعادة الصياغة اللاحقة أخذ وظيفة اسم إله واحد عند استخدامه للإشارة إلى إله إسرائيل.

توافقات نحوية في مقاطع مركزية (مثل בראשית 1:1) تُظهر المرحلة انتقالية لغوية-لاهوتية: الشكل القديم بقي، لكن التفسير/الاتفاق النحوي يتحول إلى المفرد.

هذا المسار اللغوي يدعم الاستنتاج التاريخي العام للكتاب: أن الخطوة من تعدد إلهي منظّم (مجلس إيل، أبناء الإله) إلى أحادية يهوه كانت عملية تطورية رافقتها تغييرات لغوية، نصية واجتماعية، وصلت لذروتها أثناء وبعد تدوين التراث في الفترة ما بعد السبي البابلي.

 

الفصل الخامس: بعض أقوال الحاخامات حول “إلوهيم” التي يمكن ربطها بفكرة تعددية

رابّي طنحوما بار أبّا (Tanhuma bar Abba)

في مدراش طنحوما، يُطرح سؤال حول “Ke-Elohim” في سفر التكوين (مثال في قصة آدم)، حيث يبدو أنّ الصيغة قد تشير إلى تعدد آلهة. طنحوما يردّ بأن هذا يُفسّر في سياق “مجلس سماوي” ولكنه يُصحّح الصيغة في الآيات القريبة، مؤكدًا أن النص ليس بمعنى وجود آلهة متعددة متماثلة لكنه يشير إلى مكانة روحانيّة راقية جدًا.

هذا التفسير يمكن قراءته على أنه قبول ضمني لفكرة “بني إلوهيم” — ككائنات سماوية — وليس كآلهة متعددة بمعنى الوثنية.

 

تفسير الربّي آري شفت (Rabbi Ari Shvat)

كان سؤالًا عن “لماذا إلوهيم بصيغة جمع” (Ask the Rabbi)، يقول الربّي شفت إن الصيغة الجمع تُستخدم في بعض الأحيان كـ “جمع جلال” (pluralis majestatis) للتعبير عن عظمة الله، وليس للدلالة على تعدد إلهي.

وذكر أيضا أن جمع الجلالة تم تبنيها من حضارات أخرى في القرن الرابع الميلادي والتفسير هنا يُخلّص عن تعددية حقيقية، وأقر بأن الكلمة نحويّة جمع، مما يعطي هامشًا لفهم قديم أو مرحلة أولية مختلفة في الفكر الديني.

 

موسوعة اليهودية (Jewish Encyclopedia

تشرح أن “إلوهيم” في الأصل ليس بالضرورة دلالة على تعدّد آلهة، لأن الأفعال التي تتابع الاسم غالبًا ما تكون مفردة، ما يدعم تفسير أن “إلوهيم” قد يكون اسماً جمعياً مجازيًا وليس اسمًا للآلهة المتعددة، مع عدم وجود مفهوم جمع الجلالة أو جمع التعظيم عند المعتقدات الإسرائيلية المبكرة غير السامريين.

وتشير أيضًا إلى أنه كان نقاش نحوي ولغوي بين الحاخامات الأقدمين حول هذه الكلمة، لأن صيغة الجمع تثير تساؤلات حول طبيعة الكلمة الدلالية.

إنّ محاولات بعض الأحبار المتأخرين لتفسير لفظ "إلوهيم" بصيغة الجمع على أنّه "جمع جلالة" (pluralis majestatis) تُعدّ تفسيرًا لاحقًا لا أصل له في بنية اللغة العبرية القديمة. فاللغة العبرية، بخلاف العربية أو الأكادية أو حتى اللاتينية، لا تعرف أسلوب جمع الجلال أو التعظيم، بل تعتمد الصيغ المفردة في الإشارة إلى الإله الأعلى دائمًا.

إنّ صيغة الجمع في كلمة "إلوهيم" كانت في أصلها انعكاسًا مباشرًا للموروث الكنعاني الذي كان يتحدث عن مجمع الآلهة أبناء إيل، حيث كان "إيل" الإله الأكبر، وتُدعى الكائنات السماوية التابعة له بـ بني إلوهيم (أي الآلهة الصغرى أو الأرواح الممجدة) وتتحد في جوهر إلاهي واحد بالبنوة.

ولذلك، فإن محاولات الأحبار اللاحقين – مثل طنحوما أو غيره من شُرّاح التوراة – لتبرير هذا الجمع على أنه "أسلوب تشريف" ليست سوى محاولة لاهوتية دفاعية ظهرت بعد اكتمال الفكر التوحيدي اليهودي في العصور اللاحقة، خاصة بعد السبي البابلي، لتغطية الأثر التعددي الذي بقي ظاهرًا في النصوص الأقدم.

وهكذا يمكن القول إنّ وجود كلمة "إلوهيم" بصيغة الجمع، مع ترافقها أحيانًا بأفعال في صيغة الجمع في النصوص المبكرة، يعكس بوضوح أن العقيدة الإسرائيلية الأولى لم تكن توحيدية خالصة، بل امتدادًا للفكر الكنعاني القديم الذي كان يقوم على تعددية ضمنية في الإلهة العليا وأبنائها.

فالتفسير النحوي المتأخر لا يُغيّر من الطبيعة التاريخية للنص، بل يكشف عن مرحلة الانتقال من تعدد الآلهة إلى وحدانية الإله القومي "يهوه" التي تبلورت فقط بعد العودة من السبي.

تشير هذه النصوص بوضوح إلى أن العقيدة الإسرائيلية الأولى كانت ضمن منظومة تعددية، ورثت مفاهيمها من الكنعانية، حيث كان الإله الأكبر “إيل” رأس المجمع الإلهي، وأبناؤه “إلوهيم” يمثلون قوى الطبيعة والعدالة والحرب والمطر.

مع تطور الفكر الديني بعد السبي البابلي، تحوّل “يهوه” من أحد أبناء إيل إلى الإله الوحيد، كتوحيد عبادة "المونولاترية Monolatry" وهو إتباع إله واحد من مجموعة آلهة وليس "توحيد جوهر (Monotheism)" وهو إنكار وجود آلهة مع الخالق، وبمعنى آخر عدم إنكار وجود آلهة أخرى مع اتباع أحدهم فقط. 

وهذه حقيقة ألأيدولوجيا الفكرية الإسرائيلية أنهم أبناء الله بالبنوة وباقي البشر كانوا على الأرض قبل خلق آدم، وليسوا من أبناء الآلهة. وتمت إعادة تفسير النصوص القديمة التوحيديًا عبر المدرسة الكهنوتية (Priestly Source) لدعم المعتقد اليهودي المتأخر الذي يدعي التوحيد.

 

الجزء الأول

العودة 1:2

 


Mohamed Awwad

7 블로그 게시물

코멘트